الاثنين، 31 أغسطس 2015

الزبور :

الزبور هو من القرآن .. تفسير لمعنى الزّبور .. نحو فهم صحيح للقرآن
المشهور بين الناس أن الزبور ، هو ما نزل على داوود عليه السلام ، في حين إذا رجعنا الى القرآن في سورة الانبياء ، نجد (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) ، فهل الزبور هو كتاب داوود عليه السلام؟؟ لا نجد ذلك بصراحة في هذا النصّ.
جاء في الآية 163 من سورة النساء (وآتينا داوود زبورا) هكذا (زبورا) ، ولم يصرح القرآن ، لم يصرح القرآن أن الله أعطى داوود (الزبور). 
جاء في سورة فاطر (وإن يكذبوك فقد كذّب الذين من قبلهم جائتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المبين) إذاً هناك رسل جاؤوا بالزبر ، أي أن هناك زُبُر نزلت على عدّة رسل ، وهذا مصرّح في كثير من الآيات ، فداوود أعطاه الله زبور من الزُبُر ، وليس الزّبور ، كما هو واضح في الأدلّة السابقة ، ف (وآتينا داوودا زبورا) لا يعني أنّ الزبور هو كتاب خاص لداوود كما هو مشهور عند الكثيرين. 
فما هو معنى الزبور؟؟ ، وأعظم تفسير للقرآن هو ، تفسير القرآن بالقرآن. 
ما معنى الزبر في اللغة؟؟ جاء في آية 53 من سورة المؤمنون (فتقطّعوا أمرهم بينهم زبُراً ، كلّ حزب بما لديهمك فرحون) واضح أنّ المقصود (زبرا)، هنا (قطعاً) زُبُرا ، قِطعا ، أي (فتقطعوا أمرهم بينهم قطعا ، كل حزب بما لديهم من قطعة ، فرح) 
وجاء في سورة الكهف آية 96 على لسان ذو القرنين (آ توني زبر الحديد) ، أي آتوني قطع الحديد ، وهذا يعني أن الزبر فيه معنى التقطيع ، وأنّ الزبرة هي القطعة ، وجمعها زُبَر ، وعليه يمكن أن نقول إنّ الزبور هو: كتاب أقتُطع من غيره من الكتب ، وليس المقصود به الكتاب بالذات ، ولماذا لم يقل الله تعالى (وآتينا داوود كتاباً)؟؟! 
ولو كان معنى الزبور الكتاب ، فما معنى قوله تعالى .. (جائتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير) فلو كان المقصود بالزبر أي بالكتب ، فلماذا التفريق بينهما في القرآن الكريم؟؟! فما معنى التفريق؟؟؟!
لمّا استفتينا القرآن وجدنا أنّ الزبر فيه معنى التقطيع ، وعليه ، يمكن أن نقول: أنّ الزبور هو : كتاب أقتُطع من غيره من الكتب ، أي قطعة من كتاب.
والكتاب يمكن أن يكون سبق أن نزل ، ثمّ نزلت منه قطع على أنبياء آخرين بعد ذلك ، أي قطع أُخذت من كتاب ينزل ، ونزل قبل ذلك على إعتبار وحدة دعوة النبياء في الجانب العقائدي فلا يمنع أن ينزل شيء من الكتب على انبياء كانت نزلت مع أنبياء سابقين. 
فالزبور ، قطع من كتاب قد نزل سابقاً أو سينزل لاحقاً ، 
والمعلوم أنّ أهل السنة ، أختلفوا مع المعتزلة بالقول في أن القرآن غير مخلوق ، ووجوده ، لا بداية له ، أي أزليّ ، فهو سابق في الوجود وسابق في اللوح المحفوظ ، وهو أسبق من وجود الكتب ومن وجود الرسل. 
ونزل القرآن أخيراً ، مع وجوده السابق. 
فالقرآن موجود قبل نزول الكتب الأخرى ، ولكنّه نزل أخيراً ، أي آخر ما نزل. 
فما معنى قول الله تعالى (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) ، هنا الذي نرجّحه أنّ الذكر هو القرآن ، فكيف يكون الزبور من بعد الذكر؟؟؟!!! الآية واضحة أنّ الكتابة في الزبور كانت بعد الذكر؟؟، 
والمعلوم أن القرآن هنا لا يتحدّث عن النزول ، بل يتحدّث عن الكتابة. 
(ولقد كتبنا)، والمعلوم أنّ الذكر (أي القرآن مكتوب أوّلاً في اللوح المحفوظ قبل النزول) ، فإذا صحّ أنّ الزبور هو قطعة من الكتاب ، يصبح الأمر واضح لدى كلّ متدبّر ، أنّ الزُبُر ، أُخذت من القرآن الكريم ، وأُعطيت لأنبياء ، آخرين ، ليتعبّدوا الله بها ، أي قطع من القرآن الكريم أُعطيت للأنبياء قبل نبينا عليه الصلاة والسلام ، أي إضافة الى الكتاب المنير مع الأنبياء ،فإنّهم أعطوا ، شيئاً من القرآن (الموجود بين أيدينا الآن) يتلونها في صلواتهم ، ويتقربون بها الى الله ، وباللغة العربية ، كذلك .
وهذا ليس افتراض لأنّ الآيات القرآنية ، والأحاديث الصحيح
ةتثبت هذا القول.

يقول الله تعالى في حقّ القرآن الكريم ، في سورة الشعراء: (بلسان عربيّ مبين ، وإنّه لفي زُبُر الأوّلينالكلام الآن في سورة الشعراء عن القرآن الكريم ، فهو يعبّر عن القرآن بلسان عربي مبين ، (وإنّه) أي القرآن ، (لفي زُبُر الأوّلين) ولم يقل (لفي كتب الأوّلين) ، كما قلنا أنّ الزبُر هي: القطع المأخوذة من القرآن الكريم أُعطيت لأنبياء سابقين، وبلسان عربي مبين .. لأنّه لا تجوز الترجمة للقرآن وهي غير معتبرة .. ولا يجوز التعبّد بترجمة القرآن! 
قال الله تعالى : (وإنّه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين ، على قلبك لتكون من المنذرين ، بلسان عربي مبين ، وإنّه لفي زُبُر الأوّلينوإنّه : أي القرآن ، بلسان عربي مبين ، كان ذلك مع الأنبياء قبل الرسول ، يقرئون أجزاء (قطع) من القرآن الكريم ، باللفظة العربية ، في القطع التي أُنزلت على الأنبياء السابقين. 
ويمكن أن نعطي الدليل على وجود شيء من القرآن الكريم في كتب السابقين (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربّه فصلّى ، بل تؤثرون الحياة الدنيا ، والآخرة خير وأبقى ، إنّ هذا لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم وموسى) ، قد يعمد بعض أهل التفسير أن المقصود ، بِ (إنّ هذا) هو معاني القرآن ، وهذا صرف لللفظ عن ظاهره ، فيجب أن نأخذ (هذا) أي الذي ذُكر وهو على ظاهره ، وهو القرآن.
ونقرأ كذلك قول الله : (أم لم يُنبّأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفّى ، ألاّ تزر وازرةُ وزر أُخرى وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى وأنّ سعيه سوف يُرى ...) الخ ... 
ماذا كان في صحف موسى وإبراهيم الذي وفّى : الإرشادات التي ذُكرت ، في الآية ، ولا يستطيع أن يقول أحد ، أنّ ذلك ، ذُكر بالمعنى ، بل باللفظ ، وهو الظاهر ، فما المعنى أن نصرف اللفظ عن ظاهره ، بلا دليل؟ 
فقد ذُكر في صحُف ابراهيم وموسى ، ما ذكره القرآن من الإرشادات السابقة ، : (ألاّ تزر وازرةً وزر أخرى) ...ألخ ........ 
واسمع الى الدليل الواضح والصريح في الحديث الصحيح الوارد في صحيح البخاري، 
ما ورد في صحيح البخاري (خُفّفَ على داوود القرآن)(عبارة واضحة وصريحة أنّ داوود عليه السلام كان معه قُرآن)فكان يأمُر بدوابّه أن فتُسرج ، فيقرأُ القرآن من قبل أن تُسرجَ دوابّه ، وهل يستطيع أن يصرف أحدٌ اللفظ عن ظاهره (القرآن)؟؟!! 
خُففَ على داوود القرآن........ نصّ صريح يؤكّد قولنا بأنّ الزبور الذي كان مع داوود هو شيء من القرآن، يقرأ منه ، تقرّباً الى الله به!! وباللغة العربية(بلسان عربي مبين ، وإنّه لفي زُبُر الأوّلين) ، ومعنى الحديث: أنّ داوود أوتي أجزاءً من القرآن يمكن أن يقرأها في وقت قصير (خُفّفَ) وقد تكون جزء من القرآن أو أقل ، وخاصّة في القضايا العقائديّة ، كما جاء في قوله تعالى .. (ألاّ تزر وازرة وزر أخرى ...) كانت مع أنبياء سابقين ، وهي تصلح لكل الأزمنة ، كما هي هنا ، في صحف ابراهيم وموسى ، التي تصلح أن تكون صالحة لكلّ زمان ، مع كلّ نبي لأنّ العقيدة عندهم واحدة ثابتة ، وهو يقرأها في وقت كان يأمر فيه خدمه بسرج الدوابّ ، فلا يضيّع وقته في الإنتظار ، فهو يستغلّ وقته في قراءة ، ما معه من القرآن!!! والحديث في الصحيح .. 

واسمع معي الى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده : قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأحد الصحابة : (ألا أعلّمك خير ثلاث سور أُنزِلت في التوراة والانجيل والزبور والفرقان العظيم ..) ثمّ ذكر ثلاث سور من القصار .. 

ومن هنا نفهم أنّ معنى الآية ( وآتينا داوود زبوراً ) أي وآتينا داوود ، من الزُبُر التي نَزَلت على الأنبياء ..أي آيات وسور من القرآن كانت مع أنبياء سابقين ، من القرآن نزلت في كتبهم ، ليتعبّدوا الله بها ، وبلسان عربيّ مبين
فإذا تدبّرنا القرآن الكريم جيّداً نجد أنّه تتفتّح لدينا الأفهام الصحيحة للقرآن الكريم ، والقرآن الكريم يحتاج منّا الى تدبّر أكبر من مجرّد القراءة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق