الأحد، 23 ديسمبر 2012

هموم تربوية لاتنتهي


هموم تربوية لاتنتهي

في كل عام دراسي جديد تتجدد همومنا التربوية والمدرسية. واقول “هموم” لأن 
“التربية” هي اخطر مؤسسات المجتمع والدولة، حيث لا تقل اهمية عن مؤسسة 
الدفاع والاعلام، على سبيل المثال، ان لم تفقهما في الاهمية والخطورة.
التربية هي المؤسسة الكبرى المسؤولة عن انتاج المواطنين، والحفاظ على تراث 
المجتمع، ونقل الخبرة المجتمعية من جيل الى اخر. وتزداد خطورة التربية في ضوء 
الهدف الذي يسعى المجتمع الى تحقيقه والظروف الموضوعية المحيطة بهذا الهدف. 
فاذا كان المجتمع يسعى الى اقامة دولة مدنية حديثة في مجتمع تعددي حديث الخروج 
من انقاض دولة دكتاتورية فان ذلك سيكون اكثر تعقيدا من السعي الى هدف ابسط و 
ايسر وفي ظروف افضل. وحين يكون هذا هو الهدف تكون وظيفة التربية انتاج 
مواطنين يؤمنون بالديمقراطية ويفهمونها ويحسنون تطبيقها، ويؤمنون بالمواطنة 
ويحترمون حقوقها وواجباتها، ويقدرون المؤسسات ويطبقون القانون ومسلحين بالعلم 
الحديث، منهجا ورؤية ومعرفة.
من هنا تبرز همومنا التربوية كل عام. ففضلا عن الهموم المتعلقة بالجانب المادي 
للعملية الدراسية، من حيث توفر المدارس المناسبة والقرطاسية والتجهيزات الاخرى، 
هناك الهم الاساسي المتعلق بالمناهج. مرت تسع سنوات على سقوط الدكتاتورية بكل 
ما مثلته من مناهج تربوية واساليب تعليمية، ومازال تساؤلنا قائما عن مدى تغيير 
روحية ونصوص المناهج الدراسية لكي تكون قادرة على انتاج مواطن الدولة المدنية 
الحديثة الذي يشارك بفعالية في نشاطات المجتمع المدني، ويؤدي وظيفته الانتخابية 
بوعي وادراك.
تحتاج عملية بناء الدولة المدنية الحديثة الى مناهج دراسية تأخذ بيد الطفل منذ عامه 
الدراسي الاول ولا تتركه الا في عامه الدراسي الاخير، اي بعد 12 سنة، وقد 
اكتملت في شخصيته عناصر مواطن الدولة الحديثة القادر على تجسيد مفاهيمها 
وروحيتها والتزاماتها حقوقا وواجبات، فضلا عن تجسيده للمعاني المشتركة للهوية 
الوطنية العراقية الجديدة.
لا يمكن الزعم ان هذا قد تحقق، لكن هذا لا يمنع من مواصلة الحديث عن اهمية 
توفير منظومة مناهج قادرة على تحقيق هذا الهدف الستراتيجي القريب البعيد في نفس 
الوقت.والفكرة تتلخص في ان تعد التربية ستراتيجية تربوية ينبثق منها منهج دراسي يغطي اعوام الدراسة الـ 12 والذي يتكفل في نهايتها بانتاج مواطن الدولة الحديثة. نحن نتحدث عن مواطن عام 2024 الذي يجب ان نتصور كيف يكون من الان، اخذا بنظر الاعتبار الظروف التي سيكون عليها العراق بعد هذه السنوات.
الصباح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق