الجمعة، 22 فبراير 2013

تسلسل الخلافة الاسلامية


تسلسل الخلافة الاسلامية



اهداء


الى كل مسلم يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك الله وأنّ محمدا رسول الله قولا وصدقا وعدلا, ليرى صورة مجد السلف الصالح الغابر في شخص الامام العظيم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وحفيده الامام العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما, ويستلهم من روحهما الطاهرة دوافع الرفعة والعزة والنصر في صنع عظمة الحاضر والمستقبل, فقد عقمت أرحام الأمهات أن تنجب أمثالهما.


بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى في ال 28 من صفر لعام 11 هجرية, بايع المسلمون أبو بكر الصديق رضي الله عنه ليكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول, والصحابة الكرام لم يبايعوا أبو بكر رضي الله عنه الا لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أولاه مهمة امامة المسلمين أثناء مرضه صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه, ولأنّ الصحابة رضوان الله عنهم أجمعين يعتبرون النبي صلى الله عليه وسلم مثلهم الأعلى وصفوة الصفوة, فقد امتثلوا لأمره صلى الله عليه وسلم وساروا على منهجه واختاروه رضي الله عنه ليكون الخليفة الأول للمسلمين يتولى الأمر من بعده عليه الصلاة والسلام., ذلك لأنهم رضي الله عنهم كانوا ينظرون بعين البصيرة لا البصر على أنه الرجل الوحيد الذي وصله سلام من الله تبارك وتعالى, عدا عن أنه نزل ذكره في القرآن المجيد في قوله تبارك وتعالى: ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن انّ الله معنا, والرجل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليللا غير ربّي لاتخذت أبو بكر, ولقوله صلى الله عليه وسلم نحوا من هذا: لو وضع (وزن) ايمان الأمة في كفة وايمان أبو بكر في الكفة الأخرى لرجح ايمان أبو بكر, وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبرائيل عليه السلام: حدثني بفضائل عمر عندكم في السماء! فقال عليه السلام: يا محمد! لو مكثت معك ما مكث نوح في قومه ألف سنة الا خمسين سنة, ما حدثتك بفضيلة واحدة من فضائل عمر, وانّ عمر لحسنة من حسنات أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. هكذا الرجال تقاس, نعم ومن أصدق من الله حديثا اذ يقول: انّ أكرمكم عند الله أتقاكم, نعم بقوة الايمان فقط تقاس الرجال, بالتقوى والورع يقاس المؤمن, وليس بالأجسام العريضة التي قال عنها الله المولى تبارك: كأنهم خشب مسندّة.
وبعد أن حكم أبو بكر رضي الله عنه سنتان وبضعة أشهر يلتحق برسول الله صلى الله عليه وسلم الى الدار الآخرة, ليتولى الخلافة عمربن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ليكون أول أمير مؤمنين للدولة الاسلامية, وما أن امتدت اليه يد الغدر والخيانة حتى اغتالته في أشرف موقع وهو يتلو ما تيسّر له من سورة يوسف, وهو يؤم المسلمين في صلاة الفجر.

لقد كان ذلك سنة 23 للهجرة بعد أن حكم رضي الله عنه المسلمين 10 سنوات و 5 أشهر, ليتولى الأمر من بعده ذي النورين الأشدّ حياء من العروس في خدرها: عثمان بن عفان رضي الله عنه والذي كان يختم القرآن كله كل ليلة في ركعة الوتر.
فأين نحن اليوم من ختمه في الشهر مرة واحدة ان لم نقل في العام؟

وفي العام 35 للهجرة يلقى عثمان نفس مصير عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قتلا وهو يصلي في محرابه, بعد أن حكم المسلمون 12 سنة, ليخلفه الامام وزوج البتول فاطمة الزهراء علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنهما, ليكون رابع الخلفاء الراشدين , والذي رضي الله عنه وأرضاه قد اتخذ – الكوفة في العراق- عاصمة لدولته الاسلامية, وفي نفس السنة التي قتل فيها عثمان رضي الله عنه تكون قد حدثت معركة الجمل للثأر من دم عثمان بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين.

وفي العام 36 هجرية حدثت فتنة عظيمة- معركة صفين- بين معاوية وعلي رضي الله عنهما , على الرغم من أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان قد حذر أصحابه الكرام منها, وقد راح ضحيتها عدد كبير من الصحابة الكرام وعلى رأسهم الصحابي الجليل عمار بن ياسر والذي كان يقاتل الى جانب الحق في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين, وكما هو معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار الى عمار رضي الله عنه بقوله: ويح ابن سميّة ستقتله الفئة الباغية, وتتحقق نبوءة المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم ويقتل عمار بالمعركة الدائرة بين جيش علي ومعاوية, وبمقتله يعرف الجميع أنّ فئة علي هي الفئة التي على الحق, وانّ الفئة الباغية هي فئة معاوية رضي الله عنهم أجمعين.
وبعد ذلك تنتهي المعركة ويوقف القتال بين الفئتين المتحاربتين بتدخل من عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما, دون أن يحرز أو يحقق طرف من أطراف النزاع أي انتصار على الآخر.

وفي العام 38 للهجرة وقعت حرب الخوارج بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين المنشقين عنه وخرجوا عن أمرته, وحدثت معركة النهروان وانتصر فيها الامام علي كرم الله وجهه, ورضي الله عنه وأرضاه.

وفي العام 40 للهجرة اغتيل الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو يصلي في محرابه في مسجد الكوفة لينال شرف الشهادة في سبيل الله تعالى متأثرا بجراحه بعد أن تلقى عدة طعنات قاتلة من سيء الذكر عبد الرحمن بن ملجم ليكون مصيره نفس مصير من سبقه من الخلفاء عمر وعثمان رضي الله عنهم اجمعيبن وحشرنا معهم في مستقر رحمته, وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تنبأ لعلي رضي الله عنه بهذا المصير بتلقيه ضربة غدر على رأسه وهو يقف في محرابه الطاهر الشريف, لذا وجدناه وبمجرد تلقيه ضربة على رأسه قد صاح وبأعلى صوته مستبشرا: فزت وربّ الكعبة... وبوفاة الامام علي ينتقل الحكم الى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين ليبدأ عصر الدولة الأموية, وتغدو الخلافة بالتوارث ليكون الأمويين أول من سنوّا التوارث في الحكم.

وفي العام 50 للهجرة وفي عهد معاوية يتم اغتيال الامام الحسن بن علي رضي الله عنهما, وذلك بعدما دسّت له زوجته جعدة بنت الأشعث السم في طعامه رضي الله تعالى عنه وأرضاه, والجدير بالذكر هنا أنّ الحسن وأخيه الحسين هما السبطين الشهيدين وسيدا شباب أهل الجنة, فرضي الله عنهما وعن أمهما فاطمة الزهراء وعن جدتهما خديجة الكبرى وصلى الله وسلم وبارك على من رباهم.

وفي العام 60 للهجرة توفي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ليخلفه ابنه يزيد, ونتيجة رفض الحسين بن علي مبايعة يزيد على الخلافة ينشأ نزاعا بين بني أمية وبين الحسين بن علي رضي الله عنهما, ويتحرك الحسين بأنصاره الى العراق ليقيم حركة تصحيحية اسلامية, فيتصدّى لها يزيد وتقع معركة كربلاء والتي يستشهد فيها الامام الحسين رضي الله عنه في محرّم شهر الله الحرام, ويحضرني في هذا المقام أن أذكر أن جبريل عليه السلام كان قد قدّم كأسا أو زجاجة ملأى بالدم الى النبي صلى الله عليه وسلم قائلا له نحوا من هذا: هذا دم ابنك الحسين وسيموت غدرا, لأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة... ذلك أنّ من يموت غدرا وهو على الايمان فهو شهيد, والشهيد ليس له جزاء الا الجنة لقوله تبارك وتعالى: ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل أمواتا , بل أحياء عند ربهم يرزقون... نعم هم الأحياء وان ماتوا.. ونحن الأموت وان عشنا, لما أحدثناه من بدع قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: كلّ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, اللهم انا نسألك العفو والعافية والمفاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة, اللهم أحينا على الاسلام وأمتنا على الايمان واختم حياتنا بعمل طيّب نبعث عليه برحمتك يا أرحم الراحمين.

وفي العام 64 هجرية توفي يزيد ليخلفه ابنه معاوية الذي لم يحكم سوى أربعين يوما ليخلفة مروان بن الحكم الذي لم يعمر هو الآخر طويلا ليخلفه ابنه عبد الملك.

في العام 65 الهجرة يبدأ عهد عبد الملك بن مروان ويظهر الحجاج بن يوسف الثقفي ويوليه حكم العراق بصلاحيات لا حدود لها , فيقتل ويبطش ويقطع الرؤوس طما يحلو له ويعيث في الأرض الفساد لدرجة أنه يهين شعائر الله تعالى بقصفه الكعبة المشرفة بالمنجنيق, وسآتي على ذكر هذه الغطرسة الحجاجية بين سطور سيرة الامام العادل عمر بن العزيز رضي الله عنه ان شاء الله تعالى, ان كان لا زال هناك في العمر بقية.

وفي العام 86 للهجرة يتوفي عبد الملك بن مروان فيخلفه ابنه الوليد.

وفي العام 95 للهجرة يتوفي الحجاج بن يوسف الثقفي.

وفي العام 96 هجرية يتوفي الوليد بن عبد الملك ليخلفه أخيه سليمان بن عبد الملك ومع تولي سليمان الخلافة يطلق 81 الف سجين من سجون مخلفات الحجاج.
ولم يطل بسليمان المقام في الحكم حيث وهو ينظر الى نفسه في المرآة زهوا وعجبا وهو يستعد لصلاة الجمعة, فتعجبه نفسه وتصيبه حمى قوية لم تمهله طويلا ليلقى حتفه حسدا.

وفي نفس العام 99 للهجرة والذي توفي فيه سليمان يخلفه الامام العادل وخامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز ليسير على خطى جده الفاروق عمر بن الخطاب, ويحقق العدل والمساواة فيقضي على الظلم والجور والطغيان الذي ساد لنصف قرن من الزمن الذي تلا مقتل الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين, ويعيد الأمور الى نصابها في فترة زمنية قصيرة جدا لا تتجاوز ال 30 شهرا, وتحديدا سنتان وخمسة أشهر وأربعة أيام, ويتوفي رضي الله عنه لخمس ليال من رجب لعام 101 هجرية قبل بلوغه الأربعين عاما من عمره المبارك ببضع أشهر, ومع وفاته رضي الله عنه يعود حكم الظلم من جديد بشخص يزيد بن عبد الملك والذي خلف الامام العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.

وفي العام 132 هجرية يتوفى يزيد بن عبد الملك, وبوفاته ينتهي حكم بني أمية ليؤول حكم المسلمين الى العباسيين ويكون أبو العباس السفاح أول خليفة عباسي يخلف بنو امية في شئون المسلمين.
هذا هو ملخص تسلسل الخلافة الاسلامية على مدى قرن وربع القرن تقريبا بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى تاركا أمته على المحجة البيضاء, لا يضل عنها الا هالك, ولا يزيغ عنها الا ضال جاحد بائس وشقي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا تنسونا من دعواتكم ف دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجابة أو كما قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.
رد مع اقتباس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق