الجمعة، 8 فبراير 2013

معركة اليرموك


حدثت في السنة الخامسة عشرة من الهجرة قرب نهر اليرموك في شهر جمادى الآخرة بين المسلمين والروم. عدد جيش المسلمين: ما بين 40- 46 ألفاً وقيل: اقل من ذلك. عدد جيش الروم: 240 ألفاً . كان قائد جيش المسلمين، خالد بن الوليد ومعه كبار قادة الفتح مثل: أبو عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة والزبير بن العوام وعكرمة بن أبي جهل. قائد الروم: نذراق يساعده الفيقار وباهان. ما قبل المعركة: بعدما وطد الخليفة الأول أبو بكر الصديق حكم المسلمين في داخل الجزيرة العربية، وجه أنظاره نحو أكبر دولتين في زمانه (الفرس والروم) والتي كانتا تتنازعان السيادة على العراق وعلى سوريا. أعد أبو بكر الحملات ووجهها إلى جنوب بلاد الشام عام 633م وكانت في حملات ثلاث: -الحملة الأولى بقيادة عمرو بن العاص الذي سلك الطريق الساحلي باتجاه فلسطين. الحملة الثانية بقيادة يزيد بن أبي سفيان. الحملة الثالثة: بقيادة شرحبيل بن حسنة الذي سلك طريق تبوك متجهاً نحو وادي الأردن. أول صدام بين الروم والمسلمين كان جنوب البحر الميت حيث انتصر القائد المسلم يزيد بن أبي سفيان على البيزنطيين الذين انسحبوا بهد هذه الهزيمة فلحق بهم يزيد بن أبي سفيان وهزمهم ثانية قرب مدينة غزة. كذلك كان القائد عمرو بن العاص يسجل بدوره الانتصارات مجتاحاً المدن والقرى. دب الزعر في نفوس البيزنطيين أمام انتصارات العرب وتقدمهم وكان إمبراطور الروم البيزنطيين يومها اسمه هرقل، قد أصدر أوامره بتجهيز حملة كبيرة من مائة ألف مقاتل وأعطى قيادتها إلى أخيه ثيودوروس. إرسال أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن ا لوليد للقتال علم الخليفة أبو بكر بما يعده الإمبراطور الرومي من عدة لمجابهة المسلمين فأمر بإرسال أبي عبيدة بن الجراح على رأس جيش لمساعدة الجيوش الإسلامية الثلاثة التي تحارب في بلاد الشام وكذلك أمر الخليفة القائد خالد بن الوليد الذي كان يفتح العراق، أمره بالتوجه حالاً إلى الشام لمساعدة الجيش الإسلامي هناك على أن تكون له القيادة العامة على جميع الفرق. ظهر خالد بن الوليد فجأة في بلاد الشام بعدما اجتاز الصحراء السورية، وكان واقفاً شرقي دمشق في مؤخرة الجيش البيزنطي وذلك في 24 نيسان عام 634م. ثم انضم إلى بقية الجيوش الإسلامية وجمعها تحت قيادته في أجنادين ودارت معركة مع البيزنطيين كان النصر فيها للمسلمين. محصارة دمشق وفتحها بعد الانتصار في أجنادين أصبحت الطريق نحو الشام مفتوحة أمام المسلمين وتوزعت الجيوش الإسلامية في أنحاء البلاد تفتحها وتخضعها لسيطرتها. توجه شرحبيل بن حسنة إلى الأردن. توجه عمرو بن العاص إلى فلسطين. توجه خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح إلى دمشق. أخذت المدن تتساقط أمام تقدم المسلمين وحقق خالد بن الوليد الانتصارات على البيزنطيين وأصبحت دمشق في قبضة يده وحاصرها لمدة 6 أشهر ثم دخلها بعدما صالح أهلها بشروط ومبادئ كالتي فرضها النبي محمد صلى الله عليه وسلم سابقاً على تبوك وغيرها.. والتي أصبحت نموذجاً لشوط الصلح مع سائر المدن الشامية، وفي الوقت ذاته كان أبو عبيدة بن الجراح يدخل دمشق من مكان ثاني، والتقى الجيشان، جيش خالد وجيش أبو عبيدة. بسقوط دمشق بأيدي المسلمين سارعت بقية المدن السورية إلى فتح أبوابها أمام قادة المسلمين ومن هذه المدن حمص، وحماةن وبعلبك، أما بيت المقدس وقيسارية، فلم تفتحا أبوابهما للمسلمين وكانتا تنتظران نجدة من هرقل ملك البيزنطيين الموجود في أنطاكية، والذي كان يعمل لحشد جيش كبير جمعه من كافة أنحاء الإمبراطورية البيزنطية وقيل أنه بلغ نحو 240 ألف مقاتل. سبب المعركة: عندما علم المسلمون بنبأ حشد الجيوش البيزنطية في أنطاكية قرروا الانسحاب إلى مكان يكون باستطاعتهم التحرك فيه بحرية أكثر والاتصال بالخليفة في الحجاز، وبناء على نصيحة خالد بن الوليد تراجع المسلمون إلى وادي يعرف بوادي اليرموك، وكان جيش البيزنطيين يفوق جيش المسلمين عدداً وعدة حيث بلغوا مائتين وأربعين ألفاً على حين لم تتجاوز القوات العربية جميعها أربعة وثلاثين ألفاً، وأمام هذا التفوق العددي الهائل أرسل القادة العرب يستأذنون الخليفة في أن يضموا قواتهم وأن يحتشدوا في منطقة اختاروها على الشاطئ الأيسر لنهر اليرموك .. يبعد كثيراً عن نقطة التقائه بنهر الأردن، فلما جاءتهم موافقته نفذوا خطتهم وتولى القيادة العامة أبو عبيدة بن الجراح. علم الروم بتجمع العرب فأسرعوا بدورهم وضموا جيوشهم الأربعة لتعسكر على الجانب الأيمن لليرموك. مضى شهران والفريقان يستعدان وجمع العرب المعلومات عن موقع الروم فتبينوا أنهم يعسكرون في سهل تحيط به الجبال من ثلاث جهات وليس لهم غير منفذ واحد من جهة الشرق، وكان هذا أحد الأخطاء التي ارتكبها الروم عند اليرموك وقد استغل العرب الخطأ فعبروا اليرموك وأقاموا على ذلك المنفذ الوحيد لمعسكر الروم. كذلك اخطئوا باختيارهم موقف الدفاع فلم يستفيدوا من ضخامة الجيوش التي عبئوها. كانت قواتهم سبعة أضعاف الجيوش الإسلامية مجتمعة ومع ذلك لم تكن لديهم الشجاعة لبدء الهجوم على المسلمين. أحداث المعركة: عسكر العرب شمالي اليرموك وأغلقوا المنفذ الوحيد لمعسكر الروم. ومضت الأيام وكل فريق في موقعه يحاول الروم الهجوم فيردهم العرب ثم يعودون إلى معسكراتهم. كتب المسلمون إلى الخليفة يطلبون المدد فجعل أبو بكر يشاور الصحابة ويفكر. أعلن أبو بكر قراره قائلاً: "والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، فلم يضع خالد الوقت واختار طريقاً طويلة وصعبة كي لا يلقى من يعوق مسيرته من الروم أو حلفائهم العرب، قطع خالد الطريق من الحيرة إلى بصرى في ثمانية عشر يوماً، وبلغ اليرموك فأقام شهراً يتعرف حركة الأعداء وتنظيمهم كما ذكرناه سابقا. كان هرقل قد عزز جيشه في اليرموك بالبطريق باهان. نظم خالداً الجيوش العربية في اليرموك، بعد توحيدها ونشط البطريق باهان في تعبئة الروم حتى بدا كأنه يستعد لهجوم سريع على حين كانت الجيوش الإسلامية تقيم في معسكرات منفصلة، وكل قائد يدبر أمور جيشه بالطريقة التي يراها. قسم خالد المجاهدين في الجيش الموحد فرقاً، عرفت باسم "الكراديس" كل فرقة تسمى "أوكردوس" يتكون من ألف رجل، ووزع الكراديس على الميمينة والميسرة والقلب. جعل قيادة الميمنة لعمرو بن العاص يعاونه شرحبيل بن حسنة، وعلى الميسرة أقام يزيد بن أبي سفيان.. أما القلب فأسند قيادته لأبي عبيدة بن الجراح ومعه عكرمة بن أبي جهل. كان أبو عبيدة بن الجراح قد أوصى نساء المسلمين بأن يعترضن طريق من يضعف من المسلمين ويمنعنه من الفرار فحشدهن خالد وراء الجيش وأمرهن أن يقتلن كل من يمر بهن منهزماً. رسم خالد خطة لاستدراج الروم بعيداً عن مواقعهم التي حفروا أمامها الخنادق فكلف عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميمي الهجوم بكردوسيهما فجراً حتى يبلغا خنادق الروم وبعد ذلك يتظاهران بالانهزام ويتقهقران. ونفذ القائدان المهمة بنجاح، فلم يكادا يأخذان في التراجع حتى أمر باهان فرسان الروم بالهجوم وكان جيش الروم ثمانون ألف فارس. وكان عكرمة يقود كردوسه أمام الخيمة التي اتخذها خالد مقراً لقيادته عندما شاهد الروم يدفعون قوات الميمنة إلى الوراء فيتراجع أغلب رجالها وفي الحال صاح منادياً "من يبايع على الموت"؟ وسرعان ما تبعه أربعمائة من فرسان المسلمين واندفعوا لنجدة الميمنة غير مبالين بما يصيبهم وأفلحوا في صد الهجوم الرومي على الميمنة بعد قتال استشهد فيه عدد كبير منهم واستمر القتال إلى الغروب وأخيراً تمكن المسلمون من الفصل بين فرسان الروم ومشاتهم، فأمر خالد بمحاصرة الفرسان حصاراً شديداً فلما ضاق فرسان الروم بالقتال وأصابهم التعب، فتح المسلمون أمامهم ثغرة أغرتهم بالخروج منها طالبين النجاة .. تاركين المشاة لمصيرهم! مصير المشاة الهاوية : كان جيش الروم قد اتخذوا خنادقهم في مواجهة العرب ومن ورائهم هاوية عميقة هي "هاوية الواقواصة" وفي هذه الخنادق رابطوا بعد أن شدوا أنفسهم بالسلاسل والعمائم كل عشرة معاً، ليمنعوا مرور العرب من بينهم .. وأيضاً ليستحيل الفرار على من يضعف منهم. فلما أخلى فرسانهم الميدان واقتحم العرب عليهم الخنادق جعلوا يتراجعون ويسقطون في الهاوية. عشرات !! مئات!! ألوفا!! مائة ألف منهم أو يزيد قتلوا في ذلك اليوم من العام 634 الميلادي وقتل معهم أخو هرقل وعدد كبير من أمرائهم. استطاع باهان أن يهرب لكن انتصار اليرموك كان بداية النهاية في تاريخ الإمبراطورية الرومانية وطليعة الفتوح الإسلامية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق