تتفق أغلب المصادر على أن اسم "البجا" أطلقه العرب على سكان المنقطة إلا أن "البجا" يفضلون أن يطلقوا على أنفسهم اسم "بداويت" باعتباره الاسم الذي يتمتع بسند من لغتهم عكس "البجا" الذي لا يعني شيئًا.

البجا من القبائل التي تثير الكثير من الجدل. وتشكل وزنا ذا قيمة في المناطق التي تقطن فيها من الناحية التاريخية والتكوين السلالي وتمثل قبائل البجا في مجملها مجموعات سكانية يبلغ تعدادها حوالي مليوني نسمة
و قيل يبلغ حوالي أربعة ملايين نسمة


مكانهم :
يعيشون في ثلاث دول يبدؤون من الأطراف الجنوبية الشرقية لمصر في محافظة البحر الأحمر

وفي إرتريا يقيمون في أجزائها الشمالية والغربية

ثم في السودان على سهول وجبال البحر الأحمر.

و يتركز أغلبهم في السودان...

ويعيش جزء كبير منهم في إريتريا وأثيوبيا ومصر.





ومعظمهم يعيش على النمط البدائي المتنقل الذي لا يختلف عن نمط حياة أسلافهم الذين عاشوه قبل ألف سنة.
يهتم البجا بتربية الجمال التي تمثل حياتهم وعصب القبيلة. وتعتبر القهوة من أهم ملامح حياتهم اليومية وجزءا من التراث، ولهم فراسة عجيبة فقد يستطيعون معرفة الزمن بالاستدلال بالنجوم في حلكة الليالي ويستخرجون أدويتهم من الأشجار التي حولهم بعد خلطها بحليب نوقهم، وهم مسلمون على الرغم من وجود بعض الممارسات الغريبة.
تشير الكتابات الهيروغلوفية عند قدماء المصريين إلى أن البجا كانوا يستوطنون في ذات الإقليم الذي يسكنونه حاليا منذ آلاف السنين ولم تكن لهم لغة مكتوبة خاصة بهم وبالتالي لم يتم تدوين الكثير من تاريخهم القديم، ولكن وُجد ذكر للبجا في كتابات بعض الذين كانوا من حولهم أو تلك الكتابات التي تناولت مجموعات كانت قريبة منهم.



وكانوا معاصرين لفراعنة مصر وفى حروب دائمة معهم، ويشار أيضا لاسم البلاد أو الإقليم المشار له بكافة حدودهحيث أشار إبن حوقل (الذي زار المنطقة وتجول بها) إلى أن بلاد البجا في حدودها النهائية شملت المناطق الواقعة في جيبوتي وشملت قبائل العفر أو الدناكل المتواجدة الأن في جنوب أرتريا وشرق اثيوبيا وشمال جيبوتي وعدهم من البجا كامتداد لهم.

ويذكر بأن لهم منذ القدم ممالك متعددة وهم قوم مسالمون وودودون ولكنهم محاربون أشداء وكانو يغيرون على ممالك الفراعنة لطردهم من أراضيهم أو لأخذ جزء من الذهب الذي كان يستخرجه الفراعنة من بلاد البجا وإغاراتهم أيضا على مملكتي النوبة والحبشة وبل إسقاطهم لمملكة الحبشة القديمة وعاصمتها أكسوم في القرن الثاني الهجري / القرن الثامن الميلادي، ثم حكمت البجة بلاد الحبشة لفترة من الزمن وإنشأوا عاصمة ملكهم وتدعى بقمدر (لا زالت قائمة حتى اليوم في شمال إثيوبيا) وترجمة اسم بقمدر من اللغة الحبشة أي أرض البجة ، ومن ممالك البجة القديمة : مملكة نقيس ومدينة مملكتها يقال لها : هجر، ومملكة بقلين ومملكة بازين ومملكة جارين ومملكة قطعة، من قبائلهم حالياً: قبائل بني عامر والهدندوة والأمرأر والبشاريين والحلنقه والحباب والحدارب والبلو والأرتيقه والأشراف والكميلاب والسيقولاب والملهتكتاب وغيرها.




في القرن الخامس الميلادي كان البجا يقطنون منطقة وادي النيل وكانوا يهاجمون الدولة الرومانية في مصر مما حدا بملك الرومان في ذلك الوقت أن يرسل جيشا جرارا لقتالهم. وتحت وطأة الضغط من الجيش الروماني تراجع البجا إلى مناطق جبال البحر الأحمر ذات التضاريس القاسية.
وفي حوالي القرن الرابع الميلادي تنصرت مملكة النوبة السودانية وبعدها في حوالي القرنين السابع والثامن الميلادي جاء الإسلام ودخل إلى بلاد النوبة ولكن أي من الديانتين لم تدخل مناطق البجا ربما بسبب الصحراء الفاصلة.
وبعد ذلك اعتنق البجا الإسلام في منتصف القرن التاسع الميلادي بعد اكتشاف الذهب في جبال البحر الأحمر، ودخل العرب تلك المنطقة واختلطوا بالبجا.
وينقسم البجا إلى خمس قبائل هي الهدندوة والأمرأر والبشاريين والبني عامر والحلنقة ويتحدثون بلغتين هما التبداوية والتيجري.

فقد انتقل "البجا" من الوثنية إلى المسيحية، ثم الإسلام، وهم يعتنقون الإسلام الصوفي؛ وذلك لطبيعته المُيسَّرة، وهم شديدو التمسك بتبعيتهم لشيخ الطريقة، وينتشر في مناطقهم تعليم القرآن، وهم يعتقدون في كرامات الأولياء، ويزورون أضرحتهم، ويهدون إليهم الهدايا، ويوفون بالنذور، والنساء يؤلفن أشعارًا بلغتهم في مدح الأولياء.





اصلهم :


اتفق المؤرخون على أن البجا من أبناء كوش بن كنعان بن النبي نوح .... و قيل ينتمون إلى سام بن نوح ....و قيل حاميون من نسل "كوشي بن حام"...
وبذلك هم ينتمون إلى الشعوب السامية الذين نزحوا من بلاد العرب منذ عصور موغلة في القدم ويؤيد نعوم شقير المؤرخ المعروف ذلك الرأي ويقول إنه من الثابت أن البجا من سلالة غير سوداء.

وبعضهم يرجع البجا إلى أصول عربية هاجرت من الشام ...

وهم محاربون أشداء هزموا الجيش البريطاني بقيادة عثمان دقنة وقد ألهم ذلك الشاعر البريطاني كيبلنغ الذي قال فيهم:
إلى البجاوي ذي الشعر الأشعث
لقد حاربنا كثيراً من الرجال
في البحر وفي بورما وغيرها
ولكن لم نجد أشجع منك






صفتهم و سمتهم :


هناك العديد من المميزات الثقافية التي يتميز بها البجا. ويرتدون الجلباب الأبيض العادي عليه الصدرية وعلى رأسهم العمامة الطويلة البيضاء وغالبا ما يمتشقون السيوف والخناجر التي يسمونها «الشوتال» وهم يرقصون بالسيوف إضافة إلى وظيفتها الأساسية في الدفاع عن النفس وشعرهم الكث يمشطونه بمشط يسمى(الخلال) غالبا يصنع من خشب البيئة المحلية. أما المرأة البجاوية فترتدي الثوب الذي يغطي جسدها بالكامل وعادة ما يكون من غير اللون الأسود مثل الأحمر والأخضر وغيرها ولها زمام تضعه على انفها وتكاد هذه السمة تكون مميزة للمرأة البجاوية.



و يقول صالح ضرار المؤرخ المختص بقبائل البجا :

إن البجاوي في مظهره صغير البنية متوسط القامة خفيف الحركة سريع وله وجه نحيل بيضاوي وفكه غير عريض ولكنه ينزل في زاوية حادة إلى الذقن فتصبح كأنها زاوية المثلث، وبشرته تشوبها حمرة وشعره ناعم وكث تغلب عليه الأمواج وانفه حسن الاستقامة ويبدو مثالا حسنا للأنف القوقازي
.




بعض عاداتهم :


هم قوم من الرعاة الرُّحَّل يرعون الإبل، والجمال العربية كثيرة عندهم، وهم يتبعون الكلأ، ومعيشتهم على ما ينقل إليهم من أرض الحبشة ومصر والنوبة، وهم كالعرب؛ قبائل وأفخاذ، لكل فخذ رئيس.. وكان لهم قديمًا رئيس يرجع جميع كبارهم إلى حكمه، وهو يسكن في قرية تعرف بـ (هجر).

أثناء ترحالهم شتاء وصيفا في مناطق الرعي ينقلون العروس في هودج على جمل، ويزينون الهودج بريش النعام والسكسك والحرير والودع، ويعلقون عليه جرسا، وهم يهتمون بالإبل كثيرا، وهي عندهم دلالة على القوة.

وتنقسم مناطقهم من ناحية الرعي إلى قسمين: قسم مفتوح ترعى فيه القبائل، وهي المراعي الكبيرة، والقسم الثاني في الجبال والأودية مقسمة إلى حيازات قبائل معلومة.

الشخصية البجاوية حذرة وغامضة إلى حد ما، ومن هنا يأتي ضعف اختلاطهم بمن حولهم، الأمر الذي جعل الإنجليز يصفونهم بالانعزاليين، ومن الظواهر الدالة على ذلك أن الواحد منهم يحمل معه سلاحه دائما (السيف والسكين والعصا والدرقة)، وهم يعيبون من لا يحمل سلاحا سواء كان منهم أم من غيرهم.

للقهوة عند البجا وضع خاص في أنفسهم وهم يسمونها (الجبنة) ولها طقوس خاصة ففي جلستها يتبادلون الأخبار ويكملون وينجزون مناسباتهم الاجتماعية وبها تعقد جلسات الزواج والصلح وغيره.
تبدأ جلسة القهوة بتحميص البن على النار ثم طحنه وخلطه مع الزنجبيل ثم يغلى الخليط في النار ويصفى بمصفاة مصنوعة من المواد المحلية وتسكب على الفناجين. ويحتسي الواحد منهم ما طاب له مثنى وثلاث ورباع وأحيانا ستة فناجين في الجلسة الواحدة

يحرص "البجا" على التزاوج داخل الأسرة أو القبيلة، والأب هو الذي يقرر تزويج ابنه، وفي الخطبة يتم دفع ثوبين أو ثلاثة مع ذبيحة وبعض المال ممن يستطيع، وهم عادة يزوجون أبناءهم وبناتهم في سن مبكرة، وفي العادة يحدد الأب مواعيد الزواج، ويكرهون الزواج في "رمضان" و"صفر".

ولا يحبون إقامة أفراح الزواج في الليالي غير المقمرة، ويفضلون يومي "الأحد" و"الخميس"، في ظهيرة اليوم الأول للزواج يُبنى منزل الزوجية مستقبلا القبلة.






اللغة :





هي لغة حامية عريقة استطاعت الاستمرار رغم التأثيرات اللغوية، خاصة من جانب اللغة العربية، وما زال "البجا" يتحدثون لغتهم دون أن تطرأ عليها أية تغيرات، خاصة في أسماء عناصر الطبيعة وأعضاء الجسم والأدوات المستخدمة في الزراعة ....إلخ

و يتحدث البجا لغتين الأولي لغة البداويت وهي لغة كوشية قديمة لا يعرف لها حرف مكتوب اليوم, واللغة الأخري هي لغة التقري وهي لغة أفرو -آسيوية تنتمي لنفس مجموعة الغات العربية والأمهرية, واللغات القئعزية تضم التقرية والأمهرية والتقرينية




يتحدث البجا لغتين أساسيتين هما التبداوية والتيجرية وهما مختلفتان جدا من حيث المفردات والتراكيب. فالتبداوية مشتقة من اللغة الكوشية وقد تعرضت لكثير من التأثيرات من اللغة العربية والتيجرية. ويتحدث بها معظم البجا ولكنها غير مكتوبة وبالتالي ليس لديها أدب إلا شفهي.
أما اللغة الثانية فهي التيجرية وهي من اللغات السامية اشتقت من لغة الجيز. وهي اللغة التي كانت مستخدمة في الكنيسة الأرثوذكسية الأثيوبية، وغالب من يتحدثون من البجا بالتيجرية هم البني عامر. وقد كتبت تلك اللغة بواسطة قسيس سويدي عندما دون بها الإنجيل. ولكن ذلك اصبح عائقا لكثير من البني عامر الذين معظمهم مسلمون ويودون أن تكتب لغتهم بالحروف العربية وغالبا يتحدث البجا العربية كلغة ثانية لهم بسبب الإسلام. ولا تختلف عادات الزواج عند البجا كثيرا عن العادات الإسلامية فهم بعد أن يتم عقد القران يذهبون بالعريس إلى بيت أهل العروس ومن ثم يأخذون العروس إلى بيت الزوجية الجديد ولا يقترب أحد من ذلك البيت لفترة زمنية محددة حسب الأعراف، وتنحر الإبل في هذه المناسبة ويتم الزواج وفق العادات القبلية المتبعة.
عانى البجا كثيرا ومازالوا يعانون من شظف العيش بسبب الصحراء وقلة الأمطار التي يعتمدون عليها في الزراعة ونبات العشب الصالح لإبلهم وماشيتهم. التي نفق معظمها خلال الثمانينات وبذلك نزحوا إلى أطراف المدن ولكن مازال القليل منهم يحافظ على بيئته التي نشأ فيها. وهذا النزوح أثر على اللغة الأصلية وقد تجد في بيت البجاوي أن الوالد يتحدث لغة أجداده ولكن أبناءه لا يستطيعون التحدث بها وشيئا فشيئا ستؤول تلك اللغة إلى زوال إذا لم تتم كتابتها والمحافظة عليها كجزء من التاريخ والتراث.