الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

ادارة التفكير



 إدارة التفكير
                                       ا.د.محمد الصغير
 هل كل واحد منا يحسن التفكير النافع المثمر في كل الأحوال؟
هل التفكير هو الذكاء؟ وهل هما  متلازمان؟ وهل يغني أحدهما عن الآخر؟
 ألسنا نرى في الناس من هو حسن التفكير وإن لم يكن ذا ذكاء بارز؟ ألسنا نرى في الناس من فيه ذكاء ونباهة و دهاء لكنه في كثير من أموره لا يحسن التفكير؟
 هل  يكفي الواحد منا ما لديه من قدرة على التفكير مما اكتسبه في أسرته ومدرسته والمجتمع وظروف الحياة وخبراتها؟
 التفكير: مجموعة من العمليات الذهنية المتنوعة (الملاحظة والتركيز والمقارنة والربط والتحليل والتركيب ) يقوم بها الدماغ لهدف محدد كالوصول إلى معنى أو فكرة أو استنتاج أو اتخاذ قرار.
 هل التفكير السليم النافع موهبة خص الله بها أشخاصا فلا يستطيع غيرهم إليها سبيلا ؟
 أم إنها  مهارة يمكن تعلمها  والتدرب عليها وتطويرها ؟
هل سرعة التفكير والقدرة على التوصل إلى استنتاج عاجل دليل على قوة التفكير وصحة نتائجه؟
مما أظهرته أبحاث علمية حديثة في مجال التفكير والنضج العقلي أنالتفكير مهارة شأنها شأن غيرها من المهارات من حيث إمكان التدرب عليها وتنميتها ورفع قدرة الشخص على التمكن منها, وكلما كان ذلك في عمر أبكر  صارت أقوى وأرسخ وكان تعلمها أيسر وفي وقت أقصر ولذا فان كثيرا من الدول المتقدمة(في العلوم الدنيوية) اتجهت نحو الاهتمام بالتفكير وبادرت بإدخال تعليم مهاراته ضمن مناهجها التعليمية لجميع المراحل الدراسية من الابتدائية إلى الجامعية .يرى عدد من رواد تعليم مهارات التفكير أن الشخص الذي لا يرغب في تطوير مهاراته في التفكير ويستغني بما اعتاد عليه في أساليب تفكيره مثله كمثل من يطبع بأصبعين فقط على لوحة المفاتيح ويستغني بذلك عن تعلم المهارة الصحيحة للطباعة على لوحة المفاتيح (باستخدام الأصابع العشرة) فيعوقه ما اعتاد عليه عما ينبغي أن يصل إليه وأن يتمكن فيه في أمر الطباعة فيحرم نفسه من تحسين أدائه ورفع مستوى إنجازه كما وكيفا ولا يجد في نفسه حاجة إلى تعلم المزيد ويرى أنه يحسن صنعا.
 أهم العوامل المؤثرة في جودة التفكير
 1-    مستوى القدرات العقلية: كالانتباه والتركيز والإدراك والفهم والحفظ والمقارنة, 
          فجودتها تعين في تحسين جودة التفكير لكنها لا تغني عن تعلم مهارات التفكير.
 2-    مستوى تقدير المرء لذاته: (ولا سيما لمدى كفاءته العقلية وثقته بفهمه 
            وإدراكه).
3-    طباع الشخصية:وما فيها من قيم جوهرية تكوّن الهوية ويرجع إليها الذهن في 
             تصوراته وأحكامه.
 4-  قناعات الشخص: بأبعادها الرئيسة الكبرى (قناعاته عن نفسه وحقيقة ذاته 
وإيجابياته وسلبياته وعن الحياة وظروفها والغاية منها وعن الناس -طباعهم 
وتصرفاتهم- وعن الغيب والإيمان به-عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وعن اليوم 
الآخر والقدر والملائكة والكتب والرسل-.
 5-    الحالة المزاجية الراهنة وقت التفكير:فالسرور يوقظ التفاؤل والحزن ينشر 
التشاؤم والقلق يجنح بالذهن إلى الحذر والغيرة تلهب هوى النفس وتعمي البصيرة 
وتجنح بالنفس إلى الإجحاف وترك الإنصاف, والغضب يأتي بالأوهام والعجلة في 
الأحكام وظن السوء.
 6-    أساليب وأنماط التفكير التي تعود عليها من حيث الفهم والاستنتاج والحكم على الأمور والمواقف والأشخاص (سواء بسبب تربية الأسرة أم المدرسة أم غير ذلك ).

7-    مقدار المعلومات المتوافرة والغائبة حول ما يتم التفكير فيه كما وكيفا ودقة. 
 إن لتفكيرنا أثرا مهما في مشاعرنا وإدراكنا وتصرفاتنا ,أدركنا هذا الأثر أم لم ندركه,وقد يكون هذا الأثر إيجابيا أو سلبيا حسب اختلاف نوعية الأفكار ومحتواها وأساليب التفكير والقناعات المسبقة ودرجة الاقتناع بها وحسب طباع الشخصية وصفاتها والموقف والظروف المحيطة.

كم من  استنتاج غير سليم وفكرة غير مصيبة نتج عنهما إما مشاعر سلبية ( كالقلق أو الخوف أو الغضب أو الخجل أو غير ذلك ) أو تصرفات غير مقبولة ( كالعدوان أوالانسحاب أو الغيبة أو غير ذلك ) أو خلل في الفهم لأمر مهم أو اختلاف في الآراء أو شقاق بين الأشخاص أو غير ذلك أو كل ذلك أو بعضه.



هل نكتفي بما اعتدنا عليه من أنماط التفكير ؟ أم نطور تفكيرنا وكيف لنا ذلك؟

من أراد أن يكتفي بما اعتاد عليه في أساليب تفكيره فلن يعدم المبررات لذلك ولن يجد 
من يلومه على ما ارتضاه لنفسه، ومن أراد أن يطور تفكيره وسعى لذلك سعيه فسيجد 
بإذن الله من يرشده وما يعينه عبر المراجع والإصدارات والدورات العلمية ونحوها.

أساسيات في تطوير التفكير
   
1-    حسن النية ونبل المقصد في الغاية من الأمر الذي يجري التفكير فيه, وقد غفل عن هذا الأمر المهم - أو تغافل- كثير من المهتمين بالتفكير وتطويره ولاسيما عند من يهمل البعد الأخروي ومتعلقاته الإيمانية ( كمراقبة الله وابتغاء مرضاته وخشية سخطه ).
2-   الجمع بين الشمول والتفصيلات وظواهر الأمور وبواطنها وبداياتها ونهاياتها وعواقبها وآثارها بتوازن وحكمة حسب مقتضى الحال ومتطلبات الموقف.
3-   التمييز بين الحقائق (وما تتطلبه من براهين ) وبين الآراء الشخصية و التوقعات والأمنيات والقناعات الاجتماعية و الإيحاءات ونحوها.
4-   إدراك أثر المشاعر والقيم والقناعات المسبقة والاعتداد بالذات ونحو ذلك على التفكير ونتائجه.
5-   الأناة والحذر من بادئ الرأي والعجلة في الأحكام والتصرفات, مع التوازن في التوقيت بين العجلة والتأخير( وما قد يترتب عليه من تفويت).
6-   معرفة الأولويات وترتيبها حسب أهميتها وتحديد ما لا يمكن التنازل عنه وما يمكن التغاضي عنه أو تأجيله .
7-   النظر في البدائل والخيارات والاحتمالات والمقارنة بينها بحكمة وإنصاف.
8-   معرفة العلاقة بين الأسباب والنتائج , أيها سبب و أيها نتيجة وما هو سبب (أو شرط أو علة) وما ليس كذلك.
9-   الانفتاح على الآراء الأخرى مع الإنصاف والحذر من اتباع هوى النفس, و الحرص على التجرد في طلب الحق وقبوله أيا كان مصدره.
10-  مراجعة الذات وإعادة النظر في الاستنتاجات والقرارات والمواقف والعلاقات.
11-      الحذر من أخطاء التفكير ولاسيما الخفية الشائعة.
    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق