عُرِفَ محمد صلى الله عليه وسلم في مكة بالأمانة والصدق والرأي السديد انصرف عن حياة الجاهلية، فلم يشرب الخمر، ولم يسجد لصنم ولم يحلف بالآلهة، وقد حُبّبَ إليه الخَلْوةُ والعُزْلَةُ والتفكير والتدبر في غار حراء الليالي ذوات العدد، كل ذلك قبل البعثة.
|
ولما بلغ صلى الله عليه وسلم الأربعين من عمره أُوحِيَ إليه، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فَلَق الصبح (وهي الرؤيا الصادقة) وكان هذا أول ما بدئ من الوحي.
|
وفي يوم الاثنين من شهر رمضان فجأه جبريل لأول مرة داخل الغار فقال له: اقرأ. فقال صلى الله عليه وسلم : "ما أنا بقارئ. فأخذه فغطّه حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله فقال: اقرأ. فقال صلى الله عليه وسلم : ما أنا بقارئ. فأخذه فغطّه الثانية ثم أرسله فقال له: اقرأ: فقال ما أنا بقارئ فأخذه فغطه ثم قال له: {اقْرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَق } (1). فرجع بها ترتعد بوادره حتى دخل على خديجة رضي اللّه عنها. فقال: زَمِّلُوني. زَمِّلُوني. فزملوه حتى ذهب عنه الخوف. ثم أخبرها الخبر. فذهبت معه إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان عنده علم من النصرانية فأخبره "أن هذا المَلَك الذي نزل على موسى".
|
وكان هذا أول ما نزل من القرآن الكريم، ثم انقطع عنه الوحي فترة من الزمن فحزن الرسول صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً، ثم نزلت عليه سورة المدثر، فأخذ صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى التوحيد، ويحذرهم من الشرك.
|
فكان أول من آمن به من النساء خديجة رضي اللّه عنها. ومن الرجال أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه ومن الصبيان علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه. وأول من آمن من الموالي زيد بن حارثة رضي اللّه عنه. وممن أسلم في وقت مبكر أهل بيت أبي بكر، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد اللّه والزبير بن العوام وخالد بن سعيد بن العاص.
|
مراحل الدعوة:
|
بعد أن نزل عليه صلى الله عليه وسلم قوله تعالى{يَا أَيُّها الْمُدَّثِرُ. قُمْ فَأَنذِر } (2)
|
أخذ صلى الله عليه وسلم يدعو سراً فبدأ يدعو من يثق بهم واستمر على ذلك ثلاث سنوات.
|
ثم أُمِرَ صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة إذْ نزل عليه قوله تعالى:{ وأَنذر عشيرتك الأقربين}(3).
|
شكل رقم (2) جبل النور الذي يقع فيه غار حراء
|
فصعـد النبي صلى الله عليه وسلم على جبل الصفا فصاح. ياصباحاه. فاجتمعت إليه قريش فقـال: يابني فلان، يابني عبـد منـاف. يابني عبـد المطلب "أرأيتكـم لو أخبـرتكـم أن خيلاً تخـرج بسفـح هذا الجبـل. أكنتم مصدقي؟ قالوا: ماجَرَّبنا عليك كذباً. قال: فإني نذير لكـم بين يدي عذاب شديد.
فقام إليه عمه أبو لهب فقال له تباًّ لك. ألهذا جمعتنا فنزل قوله تعالى:{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ }(4)
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق